أيهما أجمل البسطة أم ملاحقتها ؟
التوظيف الذاتي

مع تزايد أعداد "البسطات" في شوارع عمان تحديداً في منطقة (أبو نصير)، 
بدأت المحال التجارية تشهد عزوفاً من الزبائن مما أدى إلى إحداث الضرر لأصحاب تلك المحال التجارية.
ما زلنا نشهد عدم التنظيم للأسواق الشعبية، تتزايد الأزمات الناجمة عن البسطات مما أدى إلى ظهور نزاعٍ دائمٍ بَين البسطات والمحلات المرخصّة، هذه البسطات يبحثون بشتى الطرق عَن أي عمل لأجل الحصول على لقمة العيش، فِي حين أن المحلات تشهد انتكاسة اقتصادية بسببهم،
فأين الرقابة من هذا الأمر !

رقابة بلا متابعة

نشهد فِي الآونة الأخيرة تراجع في أداء الرقابة على الأسواق الشعبية والبسطات التي أصبحت تؤثر بشكلٍ عام على المحال التجارية وبشكلٍ خاص على المواطنين والماريين في الشوارع العامة، و ذلك خصيصاً بعد التعديل على بعض صلاحيات أمانة عمان الكبرى، حيث لا يخول للأمانة التوجه نحو تلك البسطات إلا بمرافقة الأمن العام 
و هذا قلل من فرص مخالفة هؤلاء المخالفين لأولوية إنشغال المراكز الأمنية بالحالات المجتمعية الطارئة

الخوف الناجم عَن البسطات

أصبح موضوع البسطات مقلقًا نوعًا مَا، مع تزايد أعداد البسطات وعدم وجود الرقابة الكافية عليهم لكثرتهم، انتشر الخوف مِن الأمور التي تباع في هذه البسطات، خصيصًا للأشخاص الذين يبيعون المواد الغذائية المتنوعة.

شهدنا حالات كثيرة من البسطات كانت تعتدي بشكلٍ عام على القانون وبشكلٍ خاص تسببت في إلحاق الضرر على المواطنين، فأصبحت البسطات ظاهرة غير حضارية تسيء إلى المشهد العام.

من الأمثلة المهمة التي شغلت المواطنين وجعلت قوات الأمن والدرك بالتعاون مع أمانة عمان الكبرى يعملون على نشر حملات واسعة تنفذ في مختلف محافظات المملكة ومناطقها لإزالة جميع البسطات المخالفة ألا وهي : تم الكشف عن حالة " مخدرات تباع على البسطات ".
هذا ليس المثال الوحيد على ما يباع في البسطات والذي لا رقابة عليه، يوجد الكثير من المواد الغذائية التي تباع في البسطات لا يوجد عليها ضمانة، ولا يوجد ما يؤكد خلوها من الأمراض,
والأهم من ذلك أن الخوف ما زال يزداد خصوصًا في ظل الوضع الراهن الذي نشهد فيه أزمة فيروس كورونا.
لهذا أصبح موضوع البسطات أمرًا مهمًا بحاجة للرقابة المُستمرة الفعّالة، لضبط أي شيء يخالف القانون أو ما يضر بالمُجتمع.

عشوائي بلا ترخيص
مزاحمة غير عادلة

في المادة رقم 5 من نظام مراقبة وتنظيم الباعة المتجولين والبسطات والمظلات والأكشاك ضمن حدود مناطق البلدية 
يحظر على اي شخص مزاولة عمل بائع متجول أو استعمال عربة أو اقامة بسطة أو مظلة أو كشك بدون ترخيص من المجلس تحت طائلة الإزالة بقرار من الرئيس أو من يفوضه بذلك، كما يحظر وضع أو اقامة الاكشاك والبسطات والمظلات وحظائر بيع الأضاحي على الارصفة والطرق وأي مكان يؤثر على حركة المرور والمشاة.
أيضًا يحدد المجلس الاماكن التي يسمح فيها بوضع أو اقامة الاكشاك والبسطات والمظلات وحظائر بيع الاضاحي تحت طائلة الإزالة ومصادرة السلع المعروضة للبيع وفرض الغرامة المنصوص عليها في قانون البلديات.
رُغم كُل ذلك ما زلنا نشهد وجود بسطات توضع في أماكن خاطئة تعيق سير المواطنيين وتؤثر على المحال التجارية المجاورة، 
كما نشهد من قلة الرقابة الكثير من البسطات التي تعمل بدون ترخيص عمل، وهذا أدى إلى الانتشار الكبير للبسطات والتي أصبحت تسمى تحت " التوظيف الذاتي "


إشادات من أحد المسؤولين في بلدية منطقة أبو نصير


تحدث أحد المسؤولين في منطقة أبو نصير عن البسطات, 
حيث قال أن المسؤول الأول عن البسطات هي أمانة عمان الكبرى, 
وأفاد بقوله : أن البسطات تنتج عنها مشاكل مثل : إعاقة حركة المواطنيين وتؤثر بشكل كبير على المحال التجارية المرخصة التي حولها. 



قصة من الواقع
ما خلف الحقيقة

بعد الجلوس مع صاحب محل خضار ( و هو شاهد على جميع الأحداث الهامة المتعلقة بالبسطات ) في سوق "أبو نصير" التجاري قال أنه يعاني منذ ١٥ عام من وجود "بسطات" يبيعون نفس السلع بأسعار قليلة جداً و هذا بسبب أنهم ليسوا ملزومين بإيجارات و ضرائب و فواتير كالمحال التجارية المرخصة، و بعد الجلوس معه بصفتي طالب في كلية الهندسة المدنية و ملزم بعمل مشروع عن دراسة مساحة السوق التجاري و مساحة المحلات الداخلية فيه قلت له بأنني أعجز عن قياس مساحة مدخل السوق التجاري بسبب كثرة البسطات و تواجدها يميناً و يساراً و قلت أيضاً أن وجودهم مزعج جداً و يعيق عملي !
هنا بدأ الشهاد يحدثني أيضاً عن الأضرار الناتجة عن وجودهم و عن إستيائه منهم و حدثني عن محاولاته المتعددة هو و جيرانه بالتخلص منهم لكن دون جدوى.
فكيف دون جدوى و هم يخالفون القانون علناً و سيتم مخالفتهم و مصادرة سلعهم فور التبليغ عنهم ؟
فأجاب ساخراً : عمي هدول واصلين فوق ما بتتخيل !
 و قال  أنه ذهب في يوم من الأيام إلى أمانة عمان الكبرى في منطقة "أبو نصير" الذي تبعد عن السوق التجاري الخاص بالمنطقة (مكان وجود البسطات) ١٠٠ متر فقط للإستفسار عن المساحة المتاحة له أمام محله الخاص في السوق التجاري لوضع الخضار في الخارج، فإذ به يرى في الداخل صاحب البسطة المجاورة لمحله يرتدي سترة أمانة عمان و يدخل لمكتب مدير جهة معينة و يُسلم قائلاً : سيدي هي سلمت السيارة، تؤمروني بإشي ؟
هنا تبين أنه موظف في أمانة عمان و يعمل كصاحب بسطة بعد قضاء الأوقات الرسمية للعمل

ماذا يترتب على هذا ؟ 
بعد أن تمادوا أصحاب "البسطات" في تقليل الأسعار و تعدد السلع للبائع الواحد و أصبح مدخل السوق التجاري مليئ بالبسطات التي بالفعل يتوفر لديها جميع السلع الأساسية للمنازل كأطعمة و ألبسة و مواد تنظيف و مفروشات أيضاً، أصبحوا يعملوا كعصابة واحدة لا يسمحون لأي شخص بمقاسمتهم البيع و مشاركتهم المكان.
توجه بعض أصحاب المحال التجارية بتقديم الشكاوى لأمانة عمان بشكل مباشر و بعد التنسيق بين الأمانة و المراكز الأمنية بالفعل ذهبوا لمصادرة بضائع هؤلاء المخالفين لمنعهم من بيعها بشكل غير قانوني، و بعد وصولهم كان السوق التجاري خالٍ تماماً من هذه البسطات ! 
كيف تم ذلك ؟ قال الشاهد أن هذه الحادثة تتكرر دائماً، يأتي عاملين أمانة عمان الكبرى ملازمتهم سيارة من الأمن العام وظيفتهم التعامل مع من يمانع فعلهم أو يقاومهم لكن قبل وصولهم ببضع دقائق يصرخ أحد أصحاب البسطات قائلاً : شباب كبسة !
ليبدأوا بلملمة سلعهم و عدم ترك أي أثر خلفهم 
و أفاد الشاهد أنه يتم تبليغهم عن طريق صاحب البسطة الذي يعمل صباحاً في أمانة عمان الكبرى.
باشرت في إكمال التحقيق و ذهبت إلى أمانة عمان الكبرى منطقة أبو نصير بعد أن علمت إسم الشخص المشكوك فيه، و عند الدخول سألت أحد العاملين هل تعرف فلان ! 
قال نعم هو يعمل في قسم إستقبال الشكاوى, و هذا دليل على إنه هو من يستقبل شكاوى أهل المنطقة فإزدات تلك الشكوك
و بعد التوجه إليه قلت له بإنني أتيته بعد أن سألت أهل المنطقة من هو أكثر عاملين الأمانة خدمة و عطاء فدلوني إليك، فرحب بي و أجلسني و قلت له إني أتيته خصيصاً لتقديم شكوى بحق  جارنا الذي قام بالتعدي في البناء على مساحة التهوية الممنوع فيها البناء بين منزلنا و منزلهم و أحضرت رقم قطعة الأرض من مخطط الأراضي الخاص بالمنطقة و عرضته عليه، و أثناء الحديث بحثت عن أي مدخل للحديث في موضوع "البسطات" فرأيت سلك شاحن هاتفه النقال الذي كان من الواضح أنه قديم جداً، فبدأت من هنا قائلا : رأيت اليوم في مدخل السوق شابٌ لدي بسطة يبيع أسلاك ذو علامة تجارية معروفة بنصف دينار فقط ! 
و محل الهواتف في الطابق العلوي يبيع نفس المنتج بدينارين 
و بدأت مديحي بالبسطات و بأن وجودها وفر الكثير من المال علينا كمستهلكين و أنها أفضل بكثير من المحال التجارية لسهولة و سرعة التعامل مع البائع، هنا بدأ هذا الشخص بالتحدث بثقة أكثر بأنه على دراية بهذا الموضوع أكثر مني، فقال ساخراً : نص دينار الكيبل ؟ أنا لو بدي باخد البسطة كلها ببلاش
و عندما سألته عن السبب قال أن هو صاحب بسطة في هذه المنطقة يبدأ العمل عليها فور إنهاء عمله الرسمي في الأمانة و قال أن هذا بعلم أمانة عمان الكبرى و بموافقة من رئيسة منطقة أبو نصير السيدة رنا جغبير تعاطفاً معه، و بعد أن إكتسب ثقتي أفاد أيضاً أنه يقوم بتأجير البسطة في أوقات عمله الحكومية الرسمية للإستفادة منها بالرغم من أنها مصرح شفهياً بها و يتم التغاضي عنها لإنها لموظف حكومي
هنا أكد هذا الشخص التهمة على نفسه و وصلت للهدف المنشود أن موظف في أمانة عمان الكبرى هو صاحب بسطة و مهمته الحكومية تلقي الشكاوي و تبليغها للجهات المسؤولة، ثم يخون عمله و ينبه أصحاب البسطات بأن هنالك حملة تفتيشية.


في النهاية نشاهد كم يوجد ثغرات في حل هذه الظاهرة، 
وفي نفس الوقت نرى أنّ هناك مصلحة كبيرة في حل مشكلة البسطات أو ما يسمى " بالتوظيف الذاتي " 
نريد الوصول لمعالجة هذه المشاكل بحيث يتحول مُسمى الوظيفة من توظيف ذاتي إلى توظيف رسمي.

تعليقات

المشاركات الشائعة